الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأى الحر: الهلال الإرهابي وتونس

نشر في  28 ماي 2014  (10:41)

 بقلم: محمد المنصف بن مراد

بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكيّة وقطر، تمّ التخطيط للإطاحة بالأنظمة القائمة في أغلب البلدان العربيّّة  ـ وهي أنظمة ملّتها الشّعوب ـ وتعويضها بحكومات «اسلاميّة» شريطة عدم المسّ بمصالح اسرائيل وعدم التسامح مع الارهاب ومراعاة المصالح الاقتصاديّة والحيويّة الأمريكيّة .. وقد جُنّدت قناة «الجزيرة» لزعزعة النظم المشار إليها وسخّرت أموال طائلة لاختراق المجموعات الشّبابيّة، كما وفّرت هذه الأطراف الأسلحة والدّعم الإعلامي.. وهكذا ثارت الشّعوب ولكن دون علم بما فعلته أمريكا وقطر..
وإثر ذلك أظهرت الأنظمة الإسلاميّة تسامحا واضحا مع الحركات العنيفة والارهابيّة فانتشرت الأسلحة وأصبحت مدن بأكملها تحت قبضة «القاعدة» ونشبت حروب أهليّة ودينيّة دمّرت فيها المنازل والمنشآت وقتل خلالها مئات الآلاف من المواطنين..
وفي الأثناء ذهب الظنّ بالحركات الدّينية أنّها تتحكّم في مصر وتونس وليبيا وكلّ ذلك في إطار تصوّر شامل يعتبر انّ النّظم الدّينية  ستفرض نفسها في المشرق وشمال افريقيا.. ولولا هفوات قاتلة وأخطاء سياسيّة وحكوميّة فادحة لنجح هذا المشروع الدّيني الذي ساندته قطر و«القاعدة» والحركة الاسلاميّة العالميّة وتركيا،  علما انّ الولايات المتحدة الأمريكيّة تفطّنت في الآونة الأخيرة لمخاطر مشروع الإخوان في العالم، لأنّ هذا المشروع ديني امبريالي يعتبر انّ هدفه هو نشر «الاسلام» في كل بلدان العالم وفي المرحلة الأخيرة بكلّ الطرق.. ولولا تعقّل بعض قيادات النّهضة في تونس لحدث في تونس ما حدث في مصر! كما لا بدّ من التذكير بأنّ أغلب الشّعوب العربيّة أيقنت خطورة الحركات الدّينية التي تفتقر لأيّ مشروع ثقافي وحضاري وسياسي، وقد صوّتت لفائدتها بعد سقوط الديكتاتوريّة طوائف من الشعب لأنّها كانت ترفع شعار «الخوف من الخالق» و«نظافة الأيدي» و«احترام دولة القانون» و«العدل».. لكن بعد انتصابها في الحكم أثبتت الأحزاب الدّينية أنّها دون أدنى خبرة وأنّها خدمت الحزب وقادته قبل خدمة البلاد، إن لم أقل على حسابها، كما سمحت للمتطرّفين والارهاب بالتمركز والانتشار في المرحلة الأولى من حكم الترويكا على سبيل المثال..
ومنذ أيّام قرأت تصريحا للمنصف المرزوقي ساند فيه «الشرعيّة» في ليبيا أي ممثّلي العصابات المسلّحة  التي استحوذت على السلطة في ظروف خاصة جدا اتسمت بتصفية المعارضين وتموقع تنظيم «القاعدة» في عدد من المدن الليبية وتسريب الأسلحة والارهابيين لتونس، في حين أنّه كان يتعيّن على رئيس الجمهورية المؤقّت ان يلتزم الحياد لأنّه يعلم حق العلم انّ السلطات الليبية الحالية سمحت للارهاب بتثبيت أقدامه وهي جزء منه.. فلماذا ساند المرزوقي المعارضة السّورية مثلما ساندتها قطر، ولماذا ندّد بما حدث للاخوان في مصر مثلما ندّدت به قطر، ولماذا تبدو مواقف رئاسة الجمهورية على صعيد السياسة الخارجية مطابقة لمواقف الدوحة وتركيا؟!
انّ من مصلحة تونس ان ينتصر خليفة حفتر وونيّس بوخمادة وأطراف هامّة من الجيش والقبائل والديمقراطيين الليبيين على القاعدة والميليشيات الارهابيّة..
انّ من مصلحة الشعب التونسي ـ ولا أتحدّث عن بعض الساسة ـ ان تحصّن حدودنا مع ليبيا لمنع الارهابيين من التسرّب الى بلادنا، ثم مساندة كل من يحارب الارهابيين والقاعدة في ليبيا التي أضحت برعاية من «الشرعية» الليّبية امارة للقاعدة ونقطة انطلاق للارهابيين الذين يحاولون تدمير تونس.. فحذار من أن تصبح جمهورية مالي وليبيا وأجزاء من صحراء الجزائر «هلالا» من أهدافه فسخ تونس من قائمة البلدان الديمقراطية الوسطية، لكن مقاومة الشّعوب في كلّ من تونس ومصر والجزائر قضت على هذا المشروع الاجرامي الذي سيندثر تماما بعد سنوات، والمعركة ذاتها تجري اليوم في ليبيا..